مما يميزنا كلبنانيين حبنا للحياة. نحب الضحك مهما كانت ظروفنا صعبة، نحب المرح مهما أقفلت الحياة أبوابها أمامنا، ونحب السهر والاستمتاع بمطاعم لبنان والمقاهي فيه مهما ضاقت بنا الأحوال. لكن لحظة واحدة هذه السنة هدمت عاصمتنا وقلوبنا، إلا أنها لم تسلبنا حبنا للحياة!

4 آب 2020 هدم منطقة شكّلت مصدراً أساسياً للحياة السياحية في لبنان وشرياناً حيوياً للإقتصاد اللبناني. لكن أمام هول الكارثة، لم يقف اللبنانيون مكتوفو الأيدي، هم الذين لطالما اعتادوا على النهوض من تحت الركام أقوى. فقد أعلنت ​نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان​، "أنّها أطلقت مع جمعية "نساند" وشركة "هوسبيتاليتي سيرفيسز" وبالتعاون مع "Apave" مبادرةً لـ"إنقاذ قطاع المطاعم المدمَّر في ​بيروت​ بعد انفجار المرفأ".

فالوضع لا يحتمل البكاء على الأطلال بل النهوض بهذا القطاع بعدما تضررت في بيروت الكبرى 1408 مؤسسة من 2103، على سبيل المثال لا الحصر: ​الأشرفية​ 366 مؤسسة أي 100 في المئة، وفي ​الجميزة​ 90 مؤسسة أي 100%، وفي ​مار مخايل​ 158 مؤسسة أي 100%، وفي ​الصيفي​ 23 مؤسسة أي 100%، وفي وسط البلد 100 مؤسسة من أصل 115 أي 87%، وفي ​الحمرا​ 120 من أصل 270 مؤسسة أي 44%، وفي ​فردان​ 35 مؤسسة من أصل 86 أي 41%.

الأرقام مرعبة، فقيمة الأضرار قُدّرت بملايين الدولارات. وبما أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، استطاعت "نساند" بالتعاون مع باقي الأطراف تأهيل 21 مطعماً في منطقتي مار مخايل والجميزة حتى الآن، والعمل مستمر لتأمين التبرّعات لإعادة تأهيل المؤسّسات المتضرّرة وترميمها، لا سيما وأنّ التبرّعات المحليّة وحدها لا تكفي لتغطية المبلغ كاملاً.

تحت شعار "العيش المستدام" الذي تتخذ منه "نساند" عنواناً لمشاريعها، تدعم هذه الجمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً بعد الكارثة التي حلّت بها والتي تسببت بدمار أدى الى حاجتها لدعمنا اليوم قبل أي وقتٍ مضى، فقيام هذه المؤسسات ووقوفها من جديد يعني وقوف لبنان واقتصاده وإعالة آلاف العائلات التي تعمل في هذا القطاع.

إن العمل يكون بالفعل وليس بالقول، بالبراهين وليس بالشعارات، وهذا هو تحديداً ما يميّز "نساند"، فالجمعية التي لا تغلق بابها أمام أي إنسان، والتي تجّسد بالصور في حساباتها على مواقع التواصل الإجتماعي ما استطاعت أن تفعله في سنة واحدة على صعيد لبنان وفي أقل من 4 أشهر في بيروت الجريحة، يثبت أن العمل الجماعي والتطوعي بإمكانه النهوض بوطنٍ كامل إذا وُجدت الإرادة ووُجد معها المحسنون.